الأربعاء، 11 أغسطس 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
نفحات رمضانية
 
أولا : بالنسبة لإبني الفاضل الشرقاوي وزملائه الأخيار ، أشكركم على تقديم التهنئة لي بقدوم شهر رمضان الكريم الذي أنزل الله فيه القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر.
ثانياً : شهر رمضان شهر مليئ بالفضائل والذكريات الجميلة الحسنة وأجمل انواع هذا الجمال نزول القرآن فيه وأحب أن أقول أن هناك شبهة ، يقول بعض الأفاكين إن القرآن الكريم متناقض والدليل على تناقضه أنه في ثلاث آيات يتحدث عن نزول القرآن ، مرة يقول "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ "( 184) من سورة البقرة ، ومرة يقول " أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ " وثالثة يقول في سورة كاملة " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" (1) من سورة القدر فأي الأيات نصدق ؟؟
والجواب في كلمات قليلات وهو :-
ان القرآن الكريم نزل جملة وتفصيلاً في شهر رمضان من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، أما قوله تعالى " أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ "(3) من سورة الدخان فهي ليلة من شهر رمضان ايضا ، اسم هذه الليلة ذكرته سورة القدر في قوله تعالى " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" اذن القرآن الكريم أنزل في شهر رمضان في ليلة مباركة من شهر رمضان . هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر فأين التناقض . هذا أول حديث لي عن شهر رمضان .
ثم ان الإسلام لم يبتدع أمرالصيام وانما أ ُمرت بالصيام جميع شرائع السماء كما ذكر القرآن والعهد القديم والعهد الجديد ، ومن هنا قال الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) سورة البقرة وانظر الى القرآن الكريم وهو ينادي الأمة بحرف النداء البعيد وهو حرف ( يا ) وهذا البعد بعد مكانته لا بعد مكان ، وبعد منزلة لا بعد زمان أو مكان ، ثم وصفهم بالإيمان وهذه شهادة من الرحمن تبشرنا بأننا رغم معاصينا وبعدنا عن المنهج إلا أننا مؤمنون قلباً وقالباً بالله جل في علاه وهذا الأسلوب يعطي الأمة الإسلامية توجيها لمخاطبة الناس جميعا بإسلوب حسن لا خلل فيه ولا سباً ، ولا تعبيرأ بإسلوب فيه فظاظة أو غلظة ، حتى وإن اساؤا إلينا انطلاقا من قوله تعالى " وقولوا للناس حسنا " وانطلاقاً من قوله تعالى ايضا " ادفع بالتي هي أحسن فإذا بالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميد " وانطلاقاً من قوله تعالى ايضا " وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (108) من سورة الأنعام ومن هذا الدرس العملي ما وجه النبي سباباً ولا لعناً ولا فاحشاً من القول حتى في أحلك اللحظات يوم ان ذهب إلى الطائف وأدموا عقبيه بالحجارة ضرباً بها ورجماً لم يقل اللهم العنهم ولكن قال " اللهم اهدى قومي فإنهم لا يعلمون وهنا قال له جبريل صدق من سماك الرؤوف الرحيم ونزل قوله تعالى " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " (129) من سورة التوبة
ثم قال تعالى " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" ليخفف عنا التكاليف الشرعية فمن قبلنا صامه ونحن مثلهم رجال ونساء فليسوا اكثر منا ولا أمضى عزيمة فكيف نصوم ونحن اتباع محمد العظيم الذي كان يصوم اليوم واليومين والثلاثة وصالاً دون أكل أو شرب فلما أراد المسلمون ان يقتدوا به في الوصال قال لهم لست كهيئتكم إنما ابيت عند ربي يطعمني ويسقين ثم ذكر القرآن النتيجة المترتبة على الصيام وهي تحقيق التقوى والخوف من الله بتنفيذ أوامره والابتعاد عما يغضبه ومن هنا قال العلماء التقوى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقيليل والاستعداد ليوم الرحيل وهنا تعريف أخر جميل أن يراك الله حيث أمرك يثقدك حيث نهاك ، وهناك تعبير جميل آخر أن تعبد الله على نور من الله ترجو نعيم الله وألا تعصي الله على نور من الله مخافة عقاب الله فأنظر إلى آية وجيزة كيف جمعت هذه المعاني العقدية والأدبية والفقهية ، ومن هنا اطالب أن يفسروا القرآن تفسيراً تحليلياً يبنون فيه اعجاز القرآن الأدبي والطبي والاقتصادي حيث أن هذه الية جمعت بين الصحة والاقتصاد والخوف من الله وعدم ايذاء الأخر أياً كان ذلك الأخر ، فلا يجوز لنا نحن المسلمين الصائمين أن نوجه سباباً لا لمسلم ولا لمسيحي ولا ليهودي بل ولا للحيوان أو الجماد فهذه تعاليم العظيم سيدنا محمد الذي أمر اتباعه بطهارة اللسان وعفة داخله وخارجه
والى لقاء
أ . د . محمود مهني محمود
نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف
وعضو مجمع البحوث الإسلامية



هناك تعليق واحد:

  1. شرقاوى الطويل/مساره11 أغسطس 2010 في 4:20 م

    نشكر لمعاليك هذه النفحات المباركه ونتمنى من الله ان يعود علينا وعليكم الايام بالخير واليمن والبركات وان يمتعكم بالصحة والعافيه لنتعلم منكم المذيد
    نحبك فى الله يا استاذنا
    باحثى اسيوط
    شرقاوى الطويل

    ردحذف